التعاقب النبتي في الغابات المتوسطية/ا.د ابراهيم نحال
التعاقب النبتي في الغابات المتوسطية
إن المجتمعات الغابوية ( وهي الوحدة الطبيعية للنبت الغابوي ) تظهر وتنمو وتنضج تحت تأثير العوامل البيئية ، ورد فعل النبت تجاه هذه العوامل .
إن نمو المجتمعات الغابوية الحراجية يعتمد على ظاهرة التعاقب الغابوي ، والميزة الأساسية في ظاهرة التعاقب هذه هي النمو التدريجي للنبت الغابوي نتيجة توالي عدة مجتمعات نباتية ذات متطلبات بيئية ، وتركيب نباتي مختلفين على الموقع نفسه .
- فالتعاقب يبدئ على مساحات عارية ثم يتدرج من مرحلة إلى أخرى حتى ينتهي بمرحلة نهائية من النبت الغابوي الممكن في الظروف البيئية للمنطقة ، ويطلق على المجتمع الغابوي النهائي اسم / الأوج أو الذروة /
والمجتمع الغابوي الاوجي هو في حالة توازن مع البيئة المحيطة حيث لا يمكن أن يظهر أي مجتمع آخر بعده أكثر تقدماً منه .
فالمجتمع الغابوي الأوجي هو محصلة تعاقب مجتمعات عرضية متنوعة أو محصلة وحدات من التعاقب .
- إن التربة تتابع التطور نفسه حيث يناسب المجتمع الغابوي الاوجي تربة حراجية أوجية أيضا .
إن الأرض العارية يمكن أن تكون عارية طبيعياً أو اصطناعياً نتيجة انجراف التربة وتعريتها .
ويطلق على التعاقب الذي يوصل النبت إلى الأوج اسم / التعاقب التقدمي / .
والمناخ هو العامل الأساسي في تحديد اتجاه التعاقب ونوعية الأوج ، وتأتي بعد ذلك التربة ، ففي البلاد ذات المناخ المتوسطي نجد أن المناخ – نتيجة اتسامه بالجفاف الصيفي – لا يستطيع فرض سيطرته التامة على الصخرة الأم ليوحد خواص التربة الناشئة عنها ، مما يؤدي إلى مجتمعات حراجية مختلفة بحسب الصخرة الأم الأساسية المنتشرة في المنطقة .
وتظهر هذه الحادثة ظهورا واضحا في سورية حيث يلاحظ اختلاف المجتمعات الحراجية الاوجية مع اختلاف أنواع الصخور الأم ومن ثم أنواع الأتربة .
- ويطلق على المجتمع الأوجي الذي يتعلق وجوده بالتربة ، ضمن منطقة حراجية معينة
اسم الأوج التربي Climax edaphique
- أما المجتمع الذي يتعلق وجوده بالمناخ تعلقاً رئيسا فيسمى الأوج المناخي climatique Climax
ويقسم التعاقب التقدمي إلى نوعين هما:- التعاقب الأولي : وهو الذي يحدث على ارض جديدة لم يسبق أن غزتها نباتات ، حيث يبدأ بنباتات رائدة Plantes pionnieres ،حتى يصل إلى الأوج . ويحدث هذا التعاقب بصورة بطيئة ويتألف عادة من عدة مراحل .
- أما التعاقب الثانوي فيحدث عند تهديم الأوج لسبب من الأسباب كالحريق مثلاً ، أو عند تهدم النبت في مرحلة متقدمة من التعاقب الأولي .
- وفي هذه الحالة نجد أن التربة العارية تسمح بنمو نبت جديد أكثر تطوراً من النبت الذي يغزو الأرض العارية الأصلية ، وبذلك يخف عدد مراحل هذا التعاقب للوصول إلى الأوج .
- أما التعاقب الثانوي فله أهمية كبرى في الحراج ، إذ إنه يحدث بعد تهدم الغابة نتيجة الحرائق والسيول أو الحيوانات أو نتيجة الاستثمار غير الصحيح .
- وعندما تزول غابة معينة تحت تأثير سبب ما دون أن يحدث تغيير أساسي في شروط التربة /كما الحال في حالة الحرائق الخفيفة / فأن التعاقب الثانوي يصل إلى الأوج بسرعة كبيرة .
- أما إذا تغيرت خواص التربة كثيراً / كما في حدوث الحرائق المتكررة على الموقع نفسه / فأن شروط هذا الموقع تصبح قريبة من شروط الأرض العارية الأصلية، مما يجعل التعاقب الثانوي طويل الأمد حتى يصل إلى الأوج، ويتألف من مراحل عديدة ومعقدة .
ولا يبقى النبت الاوجي إلا إذا بقيت الشوط البيئية في المنطقة نفسها مستقرة نسبياً ، لأن تبدل هذه الشروط ،
( تحت تأثير الحرائق و الرعي الجائر والقطع التخريبي )يؤدي إلى ابتعاد النبت من الأوج باتجاه تراجعي
/ "التعاقب التراجعي / .
ولما كان المناخ العام في منطقة ما ثابتاً نسبياً لفترة طويلة من الزمن ، وكانت الصخرة الأم ثابتة أيضا فان التحولات التي تطرأ على الغابة نتيجة تغيرات الظروف البيئية تكون ناتجة عن الإنسان تحت تأثير القطع السيئ والحرائق والرعي الجائر ...
عن استأذنا الكبير / ا.د إبراهيم نحال
http://www.alkherat.com/vb/showthread.php?t=7035